سادسا: برنامج الحزب بين النظرية والتطبيق:

إن كل ما تقدم ذكره ليس برنامجا للحزب، إنما هو الاطار الفكرى المقترح له والذى يتضمن أهم المرتكزات والمبادئ التى سوف يقام عليها برنامج الحزب، وتبنى عليها سياساته ومواقفة، وهى معروضه للمناقشة الواسعة من جانب كل العناصر المدعوة للمشاركة فى تأسيس الحزب الجديد، وعلى ضوء نتائج هذه المناقشة، سوف يتم تعديل وتصحيح هذا الاطار.
أما البرنامج التفصيلى للحزب، فلا يمكن وضعه أو صياغته الا بمشاركة واسعة من جانب كل الأعضاء المؤسسين له، وبالمساهمة الفعالة من جانب العناصر والخبرات المتخصصة فى مختلف الموضوعات التى يتصدى لها هذا البرنامج، وعلى هدى ما يتم الاتفاق عليه بشأن هذا الاطار.
وهناك حقيقة جوهرية ينبغى إيضاحها فى هذا المقام، هى أن برامج الأحزاب وشعاراتها المرفوعة، ومهما كانت طيبة، ليست هى المقياس الحقيقى والنهائى للحكم على توجيهاتها الحقيقية، وليست هى العامل الوحيد، أو حتى العامل الرئيسى، الذى يحدد لها مكانها فى الحياة السياسية، أو يكسبها ثقة الشعب وعطف الجماهير، فقد تتشابه البرامج الحزبية فى القليل أو الكثير مما تنص عليه من المبادئ والشعارات، وتظل رغم ذلك مختلفة أو حتى متنافرة الى أبعد الحدود، فكثيرا ما تتفاوت أو تتسع شقة الخلاف بين المبادئ المعلنة، والشعارات المرفوعة، وبين السياسات والمواقف العلمية التى تتخذها هذه الأحزاب، والتى تعتبر هى المقياس الأساسى لتوجيهاتها الحقيقية، وتلك هى العلة الأساسية التى تصيب الكثير من الأحزاب، ولعلها أن تكون السبب الرئيسى لظاهرة الفراغ السياسى القائم الآن فى مصر، وفى انصراف جماهير الشعب عن تلك الأحزاب، رغم تعددها وما تنطور عليه برامج بعضها من مبادئ يصعب الاختلاف عليها.
ومن هنا نقول إن مستقبل هذا الحزب الجديد، ومدى نجاحه فى نيل ثقة وتأييد الجماهير، لن يتوقف على مدى صحة برنامجه، بقدر ما يتوقف على مدى إيمان قادته وأعضائه ببرنامج حزبهم ومبادئه، ومدى ما يبذلونه من جهد خلاق فى تطبيق هذا البرنامج وتلك المبادئ، ومدى صلابتهم وشجاعتهم فى الدفاع عن تلك المبادئ والمواقف، وعلى مدى عطائهم وتضحياتهم فى خدمة الشعب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق