سابعا: الخط الجماهيرى للحزب، والأسس التى يقوم عليها بنيانه الداخلى:

إن مستقبل هذا الحزب الجديد وفرصته فى النجاح فى نبل ثقة الشعب، إنما تتوقف على صحة خطة الجماهيرى، ذلك الخط الذى يتشكل من مجموعة من المبادئ والقواعد التى تحكم أوضاعه الداخلية، وأسلوب عمله، وطبيعة علاقته بالجماهير، وتتضمن النقاط الآتية أهم تلك المبادئ والقواعد:
 (1) صحة وسلامة المرتكزات والمبادئ الفكرية والسياسية للحزب، ومن ثم صحة وسلامة برنامجه وسياساته ومواقفه، ومدى مطابقتها لاحتياجات الشعب وآماله، وملائمتها للواقع ولظروف العصر، ومدى تمسك الحزب بها وإخلاصه لها، وصلابته فى الدفاع عنها، وهو ما تعرضنا له بالتفصيل فيما تقدم.
 (2) حسن اختيار أعضاء الحزب، وخاصة عناصره القيادية، اذ لابد أن يتم هذا الاختيار على أسس موضوعيه ومبدأية، مثل إخلاصهم للحزب ولمبادئه، وأستعدادهم للنضال والتضحية فى سبيلها، ومثل تمتعهم بالسمعة الطيبة على المستويين السياسى والأخلاقى، ومدى استعدادهم للبذل والجهد والعطاء من أجل الحزب، ولذلك فإن على عضو الحزب أن يكون قدوة طيبة، فى إخلاصه لعمله، واتقانه له، وفى علاقاته العائلية والاجتماعية، وفى سلوكه السياسى والأخلاقى.
 (3) طبيعة العلاقات التى سوف تقوم بين أعضاء الحزب وقيادته من جهة، وبين جماهير الشعب من جهة أخرى، فعلى أعضاء الحزب وقياداته أن يكونوا على اتصال وثيق بجماهير الشعب، وأن يتفاعلوا معها، ويتعلموا منها، وأن يشاركوا الناس فى أفراحهم وأحزانهم، وأن يتحلوا فى علاقاتهم بالناس بالصبر والتواضع والصدق والإخلاص.
 (4) وعلى الحزب الجديد أن يضع نفسه منذ اليوم الأول لوجوده فى خدمة شعبه وجماهيره، فالحزب الشعبى الحقيقى ليس حزبا لمن يريدون فرض السيادة على الشعب، وغنما لمن يريدون أن يضعوا أنفسهم فى خدمته، وهذا الحزب ليس جهازا مهمته الوصول إلى السلطة أولا ثم العمل على تطبيق مبادئه بعد ذلك، بل إن عليه أن يعمل على تطبيق هذه المبادئ منذ اليوم الأول لوجوده، وذلك فى حدود إمكانياته وموقعه سواء كان فى السلطة أو لم يكن، قريبا منها أو بعيدا عنها، وهو مطالب بتقديم خدماته للشعب فى جميع هذه الحالات، وبالوسائل المتاحه له فى كل منها، ولذلك فإن على الحزب أن يبتكر الطرق والوسائل والتنظيمات التى يؤدى بها ما يستطيع من الخدمات لجماهير الشعب فى مختلف مجالات الخدمة العامة، السياسية والتعليمية والثقافية والإدارية والقضائية، وخدمات البيئة.
وعليه أن يوجه أعضائه وجماهيره للمشاركة فى كل الأنشطة التطوعية -الحكومية والأهلية- العاملة فى مثل هذه الميادين، بل إن على أعضاء الحزب ألا يتوانوا على المستوى الفردى -عن تقديم ما يستطيعون تقديمه من هذه الخدمات لأفراد الشعب، على وجه التطوع، ودون نظر الى المقابل، وعلى كل منهم أن يخصص قسما من وقته وطاقته لهذا الغرض.
 (5) وعلى الحزب أن يعتبر نفسه دائما -بالنسبة لأعضائه- وجماهيره- مدرسة للوطنية، وللتربية الديمقراطية، والثقافية والاجتماعية، والأخلاقية.
 (6) وعلى الحزب الجديد أن يعتمد فى تمويل نشاطه على موارده الذاتية وحدها، والتى تتكون من الاشتراكات والتبرعات التى يدفعها أعضاؤه، والتبرعات التى يقدمها له أنصاره من المواطنين المصريين دون غيرهم، وما عسى أن يؤول اليه من حصيلة بيع مطبوعاته، أو من الأنشطة الأخرى المماثلة، وعليه ألا يقبل أى معونة من الحكومة، أو من أى جهة أجنبية، وذلك ضمانا للحفاظ على إستلاليته وحرية إدارته فى تحديد سياساته ومواقفه، وللمحافظة على وحدته الداخلية، وعلى ثقة الشعب فيه، وهو ما تتحقق به المصالح العليا للحزب، والتى لا تدانيها أيه مصالح أخرى.
 (7) وعلى الحزب أن يضرب المثل على إيمانه الصادق بالديمقراطية فى حياته الداخلية وفى علاقاته بالأحزاب والمنظمات الأخرى، وذلك بأن يلتزم بهذه الديمقراطية فى حياته الداخلية، وفى أختيار قياداته، وفى مناقشة أموره، وفى طريقة اتخاذه لقرارته ومواقفه، وتحديده لسياساته، وذلك من خلال الحوار الحر الصبور، ودون لجوء لأى نوع من أنواع الضغط أو الخداع، وبهذا يحافظ الحزب على وحدته وقوته واحترامه أمام الجماهير، ويضمن التوصل الى أفضل القرارات فى شئونه الداخلية، وفى إختيار سياساته ومواقفه.
وكذلك الحال فى علاقة الحزب بالقوى الأخرى من الأحزاب والنظمات والأفراد، وسواء كانوا فى السلطة أو خارجها، وأن يلتزم معهم بالصبر وأدب الحوار، والرغبة الحقيقية فى الوصول الى الحقيقة، وفى الإقناع أو الإقتناع، وعلى أعضاء الحزب أن يتذكروا فى دائما 
قول الله تعالى {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}. صدق الله العظيم.
اننا لا نريد اضافة حزب آخر -من نفس النوع القائم فى الساحة المصرية، ولكننا نريد إيجاد حزب جديد يختلف اختلافا نوعيا عن تلك الأحزاب، وحتى يكون هذا الحزب مختلفا، فلابد أن يكون حزبا شعبيا حقيقيا، وأن يخلق حوله حركة شعبية واسعة النطاق، عميقة الأثر فى حياة الشعب، تستمد جذورها من تراثه التاريخى، وتعتمد على فضائله، وتمتد معه الى المستقبل البعيد.
وحتى يتسم الحزب الجديد بكل هذه الخصائص، فلابد له من التمسك الحاسم بكل المبادئ والمقومات السالف بيانها.
والله سبحانه هو ولى التوفيق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق