3- الشرقاوى.. والموقف الجبهوى

ان عبد الرحمن الشرقاوى حين يتوجه الى شعبه بهذه الدعوة، لا يقوم بعمل طارئ أو مفاجئ وانما يصدر فى ذلك عن موقف ثابت له معروف عنه للجميع.. وقد عبر عن ذلك فى مقاله الأول بجريدة الأهرام بقوله: "لقد طالما دعوت الى جبهة وطنية صلبة.. فهل جاء الوقت؟"
 ويذكر الجميع للاستاذ الشرقاوى أنه قد انتهج دائما الخط الوطنى، الجبهوى والتوحيدى وانه قد وضع هذا الخط موضع التطبيق فى قيادته لمجلة روز اليوسف فى السبعينات ودعوته المستمرة للحوار والوفاق الوطنى بديلا للصراع العدائى المدمر العقيم، ويذكر الجميع أن الشرقاوى قد دعا لهذا الحوار فى أشد الظروف حرجا وتعقيدا عام 1979، رغم ما لقيه فى سبيل ذلك من عنت وارهاق.
ويذكر الجميع أن الشرقاوى قد انتهج هذا الخط الوطنى الجبهوى والتوحيدى فى رياسته للجنة التضامن المصرية، ولحركة التضامن الدولية، مما احال اللجنة المصرية للتضامن من كيان رمزى محدود، الى كيان وطنى جبهوى، واسع ومحترم.
والشرقاوى بمواقفه هذه قد ساهم أكبر مساهمة فى ارساء خط أساسى لليسار الوطنى فى مصر، هو خط التمسك المخلص والدائم بالموقف الوطنى الجبهوى والتوحيدى.
والى جانب هذا الموقف المبدئى، فان الشرقاوى يستمد موقفه الجبهوى من تراث الحركة الوطنية المصرية، ومن تراث اليسار المصرى وهو يقول فى ذلك:
"هذه الدعوة ليست جديدة، فمخزون الحركة الوطنية المصرية عامر بتجارب اقامة جبهات وطنية منذ أيام سعد زغلول ثم مصطفى النحاس".
ويقـــول:
"ثم ان اليسار المصرى تبنى تلك الدعوة بعد الحرب العالمية الثانية، واثمرت الدعوة تشكيل الجبهة الشهيرة باسم اللجنة الوطنية للطلبة والعمال".
وهو يعتقد، أنه ما من مفكر أو سياسى مخلص يمينيا كان أو يساريا، الا ودعا الى تلاحم وتراص قوى الشعب لمواجهة أية مشاكل جادة يواجهها الوطن.
وهو فى دعوته الدائمة الى الجبهة ليس حالما أو خياليا.. فهو لا يصور أن مجرد ادعوة الى الجبهة أو حتى قيامها سوف ينهى كل الخلافات والتناقضات بين أطرافها بل هو مدرك تماما لطبيعة العلاقات الجدلية التى تنشأ داخل هذه الجبهة فيقول:
 "ان الدعوة الى الجبهة لا تنفى وجود الخلافات، فالجبهات تقوم على مبدئين: الوحدة والصراع.. أى الاتفاق والخلاف معا".
والشرقاوى -يصدر فى دعوته الحالية الى الجبهة- عن تقدير واقعى وسليم للوضع السياسى الراهن فى البلاد، وان الحكومة الحالية وحزبها لا يستطيعان وحدهما أن يحلا المشكلات الكبيرة، والعديدة والمعقدة التى تواجهها البلاد، فيقول فى ذلك:
 "والحزب الوطنى لا يستطيع أن يزعم أنه يمثل كل ما فى مصر من عقائد، ومن فئات وطبقات وآراء وأفكار.. ولو كان للحزب الوطنى من النشاط ما يجب أن يكون لحزب يتمتع بالاغلبية البرلمانية لما استطاعت الدعوات المشبوهة أن تدمر عقول بعض الناس باسم الدين".
وهو يشير الى احتياج البلاد الى جانب الجبهة الوطنية الى حكومة ائتلافية فيقول:
 "على أن الحكومة الائتلافية ليست بالصيغة التى نفرغ منها، فربما كانت هى التعبير الحى الفعال على الجبهة الوطنية".
* * *

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق