6- من هم أعداء الجبهة

يصر رئيس تحرير الأهالى على: أن "الاستاذ الشرقاوى لم يترك مجالا للشك فى أن الجبهة التى يدعو اليها موجهة ضد الجماعات الدينية المتطرفة وصناع وتجار الدين والمرتزقة الذين يغترفون من أموال اعداء مصر".
 ومن البداية فأننا تصحيحا للوقائع نؤكد أن الأستاذ الشرقاوى لم يطالب بتوجيه الجبهة ضد "الجماعات الدينية المتطرفة" كما يقول رئيس تحرير الأهالى بل أنه على العكس يقرر فى حواره مع جريدة السياسى ما يلى بالحرف الواحد:
"وخلافى وانتقادى ضد بعض التيارات الدينية المتطرفة لا يلغى اعتقادى بأنها جزء من القوى الوطنية ويجب دعوتها للحوار والانضمام للجبهة".
فمن أين؟ ولماذا؟ اتى رئيس تحرير الأهالى بهذه المقولة التى أقام عليها ركنا مهما من أركان موقفه فى رفض الجبهة التى يدعو اليها الشرقاوى؟..
الصحيح أن الأستاذ الشرقاوى بدأ مقالاته عن الجبهة بحديثه عن "المسيرة الخضراء" وانتقل من ذلك الى التحذير من الانسياق وراء استخدام المشاعر الدينية لخدمة المخططات الشريرة والخفية، ومن نشاط المرتزقة والمأجورين الذين يعترفون من أموال أعداء مصر باسم الدين، وما يشيعونه من أرهاب فكرى وسياسى، مما يمكن أن يؤدى بالبلاد فى النهاية الى مصير كمصير ايران أو لبنان، فهل أخطأ عبد الرحمن الشرقاوى فى تقديره وفى تحذيره من هذه المخاطر؟
من الواضح أن حزب التجمع لا يشارك الاستاذ الشرقاوى فى تقومية لهذا الخطر وهو يرى كما يقول رئيس تحرير جريدته: أن "الجماعات الدينية والتيارات الدينية التى تمارس العنف فى حركتها وتساعد على اذكاء نار الفتنة الطائفية وترفض الحوار ليست هى -رغم الرفض الواضح لمنطقها- ليست هى الخطر الأساسى ولا العدو الرئيسى الذى يهدد الوطن والمواطن فى هذه المرحلة".
ويقول أيضاُ: أن العنف فى مصر مازال أقل بكثير مما تعانيه مجتمعات عديدة، ويضرب على ذلك الأمثال بما يحدث فى المملكة المتحدة والهند واسبانبا والمانيا وايطاليا..
ويبدو لنا أن وراء هذا التقليل من خطر الأرهاب والعنف باسم الدين من جانب حزب التجمع ميلا الى التسامح مع ظاهرة العنف والأرهاب السياسى بصفة عامة وخاصة حين يستخدم هذا العنف ضد الخصوم وهذا موقف لا مبدئى دخيل على اليسار المصرى الذى يرفض العنف والأرهاب الفكرى والسياسى بصفة مبدئية وفى جميع الحالات ولعل ذلك هو السبب فى التعاطف طويل المدى من جانب حزب التجمع، ومن جانب اليسار المغامر بصفة عامة، مع نظام الخمينى فى ايران بزعم أنه نظام ثورى اشتراكى، ولعله أيضا هو السبب فى تعاطف هؤلاء ايضا مع عملية اغتيال السادات فى حادث المنصة، مما يتعارض تماما مع الموقف المبدئى لليسار المصرى.
ومع ذلك كله فان الاستاذ الشرقاوى وان اعتبر قوى الارهاب والعنف باسم الدين خطرا ينبغى على الجبهة مواجهته فهو لم يعتبرها الخطر الاوحد، ولا العدو الرئيسى لقوى الجبهة، والذى يرجع الى أهداف الجبهة كما عرضها الشرقاوى لا يصعب عليه أن يهتدى الى أن الاعداء الرئيسيين لقوى الجبهة هم بذاتهم اعداء تحرر وديمقراطية وتقدم ورخاء هذا الشعب ولن يكونوا أبدا الا الامبريالية والصهيونية وقوى الرجعية والاستغلال الداخلية والخارجية المرتبطة بهما، ولم يكن الاهتداء الى ذلك محتاجا الى أى جهد من جانب حزب التجمع ولكنه كان محتاجا الى شئ من الموضوعية وروح الانصاف.
لا يوافق حزب التجمع على تحديد الاستاذ الشرقاوى لقوى الجبهة وبصفة خاصة فهو لا يوافق على اعتبار النظام القائم حزبا وحكومة ضمن هذه القوى وهذا هو بيت القصيد فى كل موقف التجمع من دعوة الاستاذ الشرقاوى وفى ذلك يقول رئيس تحرير الأهالى:
 "فلا يمكن أن تتسع الجبهة لحزب أو حكومة تدافع عن سياسة التبعية للولايات المتحدة وتتمسك باتفاقيات وكامب ديفيد ومعاهدة الصلح مع العدو الاسرائيلى التى تنتقص من سيادة مصر على سيناء، وتفرض التطبيع مع اسرائيل وتمدها بالبترول".
ويرتبط هذا القول بموقف اساسى للتجمع، هو اعتبار أن أعداء الجبهة، وأعداء مصر هم "هذا التحالف غير المقدس بين الولايات المتحدة الامريكية (العدو الاسرائيلى وحكومة الطفيليين والرأسمالية الكبيرة التابعة" ومن ثم فان هدف الجبهة انما هو "انقاذ مصر من التبعية وفقدان الادارة الوطنية ومن الفساد والطفيلية وحكم الأقلية".
التجمع اذن واليسار المغامر عموما، يعتبران هذا النظام نظاما خائنا وعميلا وحليقا للامبريالية الامريكية وللعدو الاسرائيلى وهذا ينطبق على الحكومة كما ينطبق على حزبها وهما يمثلان الفئات الطفيلية والرأسمالية الكبيرة التابعة للامبريالية ولأسرائيل ومن ثم فلا أمل فى أى تغيير داخل هذه السلطة أو فى توجهاتها مهما كانت ضغوط الواقع أو ضغوط الجماهير، والأمل الوحيد فى تغيير الأوضاع لا يتحقق الا باسقاط هذا النظام.
وبهذا يكون التجمع، واليسار المغامر عموما قد وصلا الى نهاية الشوط فى التطرف واليأس والانعزالية.
ومع أن اليسار الوطنى هو أيضا ضد الامبريالية الامريكية وغيرها وضد العدو الاسرائيلى وضد كامب ديفيد ومعاهدة الصلح مع اسرائيل وضد التبعية وضد الفساد والطفيلية وحكم الاقلية ومع أن له اعتراضاته وتحفظاته على بعض توجهات النظام وسياساته الا أنه يختلف مع حزب التجمع ومع اليسار المغامر عموما فى شأن هذا النظام فاليسار الوطنى يعتبر النظام فى مجموعة ورغم اخطائه نظاما وطنيا ويتفهم الصعوبات والتعقيدات البالغة التى يتحرك فى ظلها هذا النظام.
ولذلك فان اليسار الوطنى يتقبل ويؤيد دعوة الاستاذ عبد الرحمن الشرقاوى للحزب الوطنى الديمقراطى للمشاركة فى الجبهة ويأمل فى أن يكون اشتراك هذا الحزب فيها -اذا حدث- بداية مرحلة جديدة من التعاون الوطنى والوحدة الوطنية، ومن التوجه الجاد الفعال لمواجهة كل مشكلات البلاد، وهو يدرك كما قال الاستاذ عبد الرحمن الشرقاوى "أن الدعوة الى الجبهة لا تنفى وجود الخلاف لهذا الحزب، فلماذا يعجز هذا الحزب، كما يعجز اليسار المغامر عادة، عن الارتفاع الى مستوى المسئولية الوطنية (الموقف الوطنى.
انهم يعجزون عن ذلك لانهم مصابون بالجمود الفكرى، وعدم القدرة على رؤية الواقع رؤية صحيحة وعلى التفاعل معه يعجزون عن ذلك بسبب عزلتهم عن الجماهير وميلهم الى الانفصال عنها والتصرف بمفردهم "بالنيابة عنها".
وهم يعجزون عن ذلك بسبب حبهم للمزايدات الثورية (الظهور دائما بانهم أكثر ثورية من الآخرين).
وأخيراً فهم يعجزون عن ذلك لانهم شديدو الحساسية والتأثير بمواقف وآراء بعض الاطراف الخارجية -فى العالم العربى- التى تراهن على خراب مصر، وانهيار الأوضاع فيها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق